الموصول الاسمي واسم الموصول الدال على المفرد واسم الموصول الدال على المثنى المذكر
أولاً - الموصول الاسمي
تقدّم انّ الموصول ينقسم إلى موصول حرفي وموصول اسمي، وتقدّم أيضا انّ الموصول الحرفي هو كلّ حرف مصدري يؤول ويسبك بمصدر مع ما بعده، والواقع بعده هو صلته، فيحتاج إلى صلة، ولا يحتاج إلى عائد، مثل قولك: (يعجبني أن تقومَ)، ف(أن) موصول حرفي، و(تقوم) صلة حرفية، والمصدر المؤول منهما هو (قيامك)، والتقدير: (يعجبني قيامُك) وامّا الموصول الاسمي، فهو ما افتقر إلى صلة وعائد، فاسم الموصول هو الذي يحتاج لفهم معناه إلى جملة بعده، أو شبه جملة تسمى (الصلة)، ويسمى الضمير فيها ب(العائد) على اسم الموصول ومثال ذلك قولك: (جاء الذي أكرمته)، فالموصول الاسمي هو (الذي)، وجملة (أكرمته) صلة الموصول الاسمي، والضمير (الهاء) المتصل بالفعل (أكرمته) هو العائد على الاسم الموصول فاسم الموصول (الذي) في قولك: (جاء الذي) اسم يدلّ على مسمى، لكنّه مبهم وغامض، فلا يعرف المراد منه، فهل هو للعاقل أو لغير العاقل، فإذا وصلته، فأتيْتَ بعده بجملة فيها ضمير، وقلت: (جاء الذي نجحَ في الامتحان)، أصبح لفظ (الذي) واضحا ومفهوما، ومثله قولك: (فرحْتُ بالهديةِ التي)، ف(التي) اسم موصول مبهم، فإذا جاءت الصلة (أحضرْتَها لِي) بعده، وقلت: (فرحْتُ بالهديةِ التي أحضرْتَها لي)، ارتفع الإبهام عن الموصول، ف(التي) اسم موصول وجملة (أحضرْتها لي) صلة الموصول، وعائد الصلة هو الضمير (هاء الغائب) المتصل بالفعل (أخضرتها)، والعائد على اسم الموصول (التي) لذلك قال أهل العربية: الاسم الموصول هو اسم مبهم، ولا يتمّ معناه بنفسه، بل يفتقر إلى كلام بعده، يفتقر إلى صلة وعائد، اي: يحتاج إلى صلة تُوضّح الاسم الموصول، أي: الاسم الموصول هو الكلمة التي تحتاج في دلالتها على معنى الاسم التام إلى ما يتصل به، فيستقلّ في الدلالة عليه، ويصير في معنى الأسماء المستقلة، وقد أشار شارح المفصّل إلى تعريف الاسم الموصول بقوله: (هو ما لا يتمّ بنفسه ويفتقر إلى كلام بعده تصله به ليتمّ اسما، فإذا تمّ بما بعده، كان حكمه حكم سائر الأسماء التامة يجوز أن يقع فاعلا ومفعولا ومضافا إليه ومبتدأ وخبرا) وسمّيت الأسماء الموصولة بذلك؛ لأنّها توصل بكلام بعدها هو من تمام معناها، وذلك انّ الأسماء الموصولة أسماء ناقصة الدلالة لا يتضح معناها إلّا إذا وصلت بالصلة، فإذا قلت: (جاء الذي) لم يفهم المقصود، فإذا جئت بالصلة اتضح المعنى المقصود، وذلك كأن تقول: (جاء الذي ألقى الخطبة)، ومن ذلك يتبين أن الأسماء الموصولة معناها: الأسماء الموصولة بصلة فالموصول الاسمي هو اسم يعيّن مسماه بقيد الصلة المشتملة على عائد.
ومن خلال ما تقدّم يعلم الفرق بين الموصول الحرفي والموصول الاسمي:
١- الموصول الحرفي هو حرف مثل: (أن) المصدرية، والحرف لا محل له من الإعراب، فلا يقع فاعلا ولا مفعولا ولا غيرهما، وامّا الموصول الاسمي فهو اسم مثل: (الذي)، والاسم له محل من الإعراب، فيقع الموصول الاسمي فاعلا ومفعولا وغيرهما حسب حاجة الجملة.
٢- الموصول الحرفي يجب أن يؤول مع ما بعده بمصدر يعرب حسب موقعه من الجملة، والموصول الاسمي لا يؤول مع ما بعده بمصدر.
٣- الموصول الحرفي يفتقر إلى صلة تأتي بعده، ولا تشتمل تلك الصلة على ضمير عائد على الموصول الحرفي، لأنّ الموصول الحرفي حرف، والحروف لا تعود عليها الضمائر، وهذا بخلاف الموصول الاسمي، فهو يفتقر إلى صلة تأتي بعده، وتكون تلك الصلة مشتملة على ضمير عائد على الموصول الاسمي.
٤- الصلة الواقعة بعد الموصول الحرفي لا بدّ أن تكون جملة، ولا يصح غيرها، فالموصول الحرفي لا يوصل بشبه جملة، وامّا الصلة الواقعة بعد الموصول الاسمي، فقد تكون جملة اسمية أو فعلية، وقد تكون شبه جملة، وشبه الجملة قد تكون ظرفا، وقد تكون جارا ومجرورا وللكلام تتمة.
ثانياً - اسم الموصول الدال على المفرد
(الذي) اسم موصول للمفرد المذكر العاقل وغير العاقل، وهو اسم موصول مبني على السكون، في محل رفع أو نصب أو جر حسب موقعه من التركيب العربي، ومثال استعمال (الذي) للعاقل هو قولك: (يعجبني الذي اجتهدَ)، ف(الذي) في هذا المثال اسم موصول واقع على مفرد مذكر عاقل، ومثله قولك:(جاء الذي ماتَ أبوه) و(جاء الأبُ الذي أكرمني) ومثال استعمال (الذي) لغير العاقل هو قولك: (قرأْتُ الكتابَ الذي استعرْتَه)، ف(الذي) في هذا المثال اسم موصول واقع على مفرد مذكر غير عاقل، ومثله قولك: (أكلَ زهيرٌ الذي ذبحَه من البقر) وإليك بيان ذلك من خلال الإعراب التطبيقي للمثالين التاليين: (حضرَ الذي وعدَنِي بالجائزةِ) و(أكرمْتُ الذي زارَنِي البارحة) امّا إعراب المثال الأول، فهو على الشكل التالي: (حضرَ) فعل ماضٍ مبني على الفتح الظاهر على آخره، و(الذي) اسم موصول مبني على السكون، في محل رفع فاعل، و(وعدَنِي) فعل ماضٍ مبني على الفتح، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره (هو)، والنون نون الوقاية، حرف مبني على الكسر، لا محل له من الإعراب، والياء ضمير بارز متصل، مبني على السكون، في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية من الفعل الماضي (وعدَني) وفاعله الضمير المستتر (هو) صلة الموصول، وجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب في التركيب وامّا إعراب المثال الثاني، فهو على الشكل التالي: (أكرمْتُ) فعل ماضٍ مبني على السكون، لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير بارز متصل، مبني على الضم، في محل رفع فاعل، و(الذي) اسم موصول مبني على السكون، في محل نصب مفعول به، و(زارَنِي) فعل ماضٍ مبني على الفتح، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره (هو)، والنون نون الوقاية، حرف مبني على الكسر، لا محل له من الإعراب، والياء ضمير بارز متصل، مبني على السكون، في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية من الفعل الماضي (زارَنِي) وفاعله الضمير المستتر (هو) صلة الموصول، وجملة صلة الموصول لا محل له من الإعراب (التي) اسم موصول للمفردة المؤنثة العاقلة وغير العاقلة وهو اسم موصول مبني على السكون في محل رفع أو نصب أو جر حسب موقعه من التركيب العربي، ومثال استعمال (التي) للعاقل هو قولك: (يعجبُني التي اجتهدَت)، ف(التي) في هذا المثال اسم موصول واقع على مفرد مؤنث عاقل، ومثله قولك: (أقبلَت البنتُ التي ربحت الجائزة) و(جاءَت الأُمُّ التي أكرمَتني) ومثال استعمال (التي) لغير العاقل هو قولك: (بعت البقرة التي اشتريتها)، ف(التي) في هذا المثال اسم موصول واقع على مفرد مؤنث غير عاقل، ومثله قولك: (أعجبت بالحديقة التي اتسعت) وقد تستعمل (التي) لجماعة غير العقلاء في التركيب، ومثال ذلك قولك: (بعْتُ الكتبَ التي اشتريتها) فالمراد من اسم الموصول (التي) في هذا المثال هو (الكتب) و(الكتب) جمع لغير العاقل وإليك بيان ذلك من خلال الإعراب التطبيقي للمثالين التاليين: (كافأْتُ التي صدقَتْ في كلامِها) و(زرْتُ المكتبةَ التي زرْتَها) امّا إعراب المثال الأول، فهو على الشكل التالي: (كافأْتُ) فعل ماضٍ مبني على السكون، لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير بارز متصل، مبني على الضم، في محل رفع فاعل، و(التي) اسم موصول مبني على السكون، في محل نصب مفعول به، و(صدقَت) فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء تاء التأنيث الساكنة، حرف مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره (هي)، والجملة الفعلية من الفعل الماضي (صدقت) وفاعله الضمير المستتر (هي) صلة موصول، وجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب في التركيب وامّا إعراب المثال الثاني، فهو على الشكل التالي: (زرْتُ) فعل ماضٍ مبني على السكون، لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء ضمير بارز متصل، مبني على الضم، في محل رفع فاعل، و(المكتبةَ) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، و(التي) اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة للمفعول به (المكتبة) و(زرْتَها) فعل ماضٍ مبني على السكون، لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء ضمير بارز متصل، مبني على الفتح، في محل رفع فاعل، والهاء ضمير بارز متصل، مبني على السكون، في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية (زرْتَها) صلة موصول، وجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب في التركيب.
ثالثاً - اسم الموصول الدال على المثنى المذكر
اسم الموصول الدال على المثنى المذكر هو (اللذانِ - اللذينِ)، ومفرده (الذي)، واسم الموصول الدال على المثنى يكون على هذه الهيئة (اللذانِ) في حالة الرفع، ويكون على هذه الهيئة (اللذينِ) في حالة النصب أو الجر وبعد إدخال علامة التثتية الالف والنون على المفرد (الذي) في حالة الرفع يصبح الاسم على هذا الشكل بحسب الأصل (اللذيْانِ) فيلتقي عندنا ساكنان، وهما الياء والألف فنحذف الياء للتخلص من التقاء الساكنين، فيصبح (اللذانِ)
وكذلك بعد إدخال علامة التثنية الياء والنون في حالة النصب أو الجر على المفرد (الذي) يصبح الاسم على هذا الشكل بحسب الأصل (اللذيين) فنحذف الياء الأولى للتخلص من التقاء الساكنين، فيصير الاسم على هذا الشكل (اللذين) وجاز لك أن تشدّد النون الواقعة في آخر اسم الموصول (اللذان - اللذين)، فتقول: (اللذانِّ - اللذينِّ)، وقالوا: انّ هذا التشديد يكون عوضا عن الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، لأنّه يجب حذف الياء من آخر (الذي) عند التثنية، فيكون تشديد النون عوضا عن الياء المحذوفة، وهذا التشديد للنون في آخر اسم الموصول (اللذانِّ) هو تشديد جائز لا واجب، فيجوز لك ترك التشديد، وهو الأكثر، وقيل: انّ تشديد النون هو للفرق بين تثنية المعرب وتثنية المبني، فقل في تثتية المبني (الذي): (اللذانّ - اللذينّ)، ولا تقل: (اللذيان - اللذيين)، وقل في تثتية المعرب (القاضي): (القاضيان - القاضيين)، ولا تقل: (قاضان - قاضِين) وقالوا: انّ تشديد النون مع الألف في حالة الرفع (اللذانِّ) متفق على جوازه، وامّا تشديد النون مع الياء في حالة النصب أو الجر (اللذينِّ)، فمختلف في جوازه، فأجازه الكوفيون، ومنعه البصريون، وقال أهل التحقيق: الجواز في جميع الأحوال هو الصحيح لقراءة ابن كثير في قوله تعالى: [ربّنا أرِنَا الَّذَيْنِّ أضلّانا] بالتشديد، وهي حجة عند أبي حيان من البصرين والمشهور عند أهل العربية انّ اسم الموصول (اللذانِ - اللذينِ) يعامل معاملة المثنى في الإعراب، فيرفع بالالف وينصب ويجر بالياء،، ولكن اسم الموصول (اللذان - اللذين) هو ملحق مثنى وليس مثنى، لأنّ من شروط المثنى أن يكون مفرده معربا، وامّا مفرد (اللذان) فهو اسم مبني، ومفرده هو (الذي)، وكلّ اسم يعرب إعراب المثنى، ولم تتحقق فيه شروط المثنى يكون ملحقا بالمثنى، لذلك قلنا في العربية انّ اسم الموصول (اللذان - اللذين) ملحق بالمثنى لا مثنى ومثال ذلك قولك: (يعجبُني اللذانِ اجتهدا)، وقولك: (أكرمْتُ اللذينِ اجتهدا)، وقولك: (سلّمت على اللذينِ احتهدا)، ف(اللذانِ) في المثال الأول: اسم موصول، وهو فاعل مرفوع وعلامة رفعه الالف لأنّه ملحق بالمثنى، و(اللذينِ) في المثال الثاني: اسم موصول، وهو مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء، لأنّه ملحق بالمثنى، و(اللذينِ) في المثال الثالث: اسم موصول، وهو اسم مجرور بحرف الجر (على) وعلامة جره الياء، لأنّه ملحق بالمثنى وذهب بعضهم إلى أنّ اسم الموصول (اللذانِ - اللذينِ) هو اسم مبني، ويبنى على الالف (اللذانِ) في حالة الرفع، ويبنى على الياء (اللذينِ) في حالة النصب أو الجر، فتعرب (اللذان) من قولك: (جاء اللذانِ اجهتدا): اسم موصول مبني على الألف، في محل رفع فاعل، وتعرب (اللذينِ) من قولك: (رأيْتُ اللذينِ اجتهدا): اسم موصول مبني على الياء، في محل نصب مفعول به، تعرب (اللذينِ) من قولك: (مررْتُ باللذينِ اجتهدا): اسم موصول مبني على الياء في محل جر بحرف الجر (الباء) ومن الأمثلة التطبيقية في الإعراب قولك: (الطالبانِ اللذانِ نجحَا أكرمْتُهما) (الطالبانِ) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى، و(اللذانِ) نعت ل(الطالبان) مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه ملحق بالمثنى، قيل في إعرابه (اللذان) اسم موصول مبني على الالف، في محل رفع نعت للمبتدأ (الطالبانِ)، و(نجحَا) فعل ماضٍ مبني على الفتح، وألف الاثنين ضمير بارز متصل، مبني على السكون، في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية من الفعل والفاعل (نجحا) صلة الموصول، وجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب في التركيب، و(أكرمْتُهما) فعل ماضٍ مبني على السكون، لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء ضمير بارز متصل، مبني على الضم، في محل رفع فاعل، و(هما) ضمير بارز متصل، مبني على السكون، في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية من الفعل والفاعل (أكرمْتُهما) في محل رفع خبر للمبتدأ (الطالبان).